كم نفتقد إبداعك

كم نفتقد إبداعك

كم نفتقد إبداعك

 تونس اليوم -

كم نفتقد إبداعك

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

رت منذ أيام الذكرى الخامسة عشرة، لرحيل المخرج الرائع المبدع رضوان الكاشف، الذى تظل سيرته أحد الدلائل القوية على أن العبرة تظل بالكيف، وليس بالكم. لم يقدم الكاشف الذى رحل فى عامه الخمسين سوى ثلاثة أفلام سينمائية (ليه يا بنفسج، وعرق البلح، والساحر). ولكن كلاً منها يعد علامة مميزة فى تاريخ الدراما السينمائية الاجتماعية التى تغوص فى عالم المهمشين والمنسيين «ملح الأرض» بعمق وسلاسة، وبمزيج من الواقعية والشاعرية. تجلى إبداعه فى قدرة فائقة على الدخول فى عالم يفيض بالعذابات والمرارات، كما بالأمنيات والرغبات، ويجتمع فيه البأس والأمل كل يوم، حيث يتحالف الفقر والقهر والإهمال ضد الحلم البرئ والبسمة الصافية. قدم عالم المهمشين المهملين بحس فنى مرهف ورؤية عميقة، ونقل ما يفيض به من آلام وجراح فى أعمال تفيض بالإبداع إلى حد أن من يتمعن فى أى منها يسأل نفسه. كيف استطاع أن يُحَّقق هذا الفيلم على هذا النحو؟

قدم الكاشف هذا العالم من خلال أبناء الحارات والأزقة فى فيلمى «ليه يا بنفسج» و«الساحر»، حيث الأصدقاء الذين يحاولون فتح منفذ إلى السعادة فى الأسوار العالية التى تجعلها بعيدة المنال، و«الأرزقية» الذين يتحايلون على لقمة عيشهم، والعلاقات التى تنشأ بينهم، وكيفية تعاملهم معها، وبحثهم عن لحظة شعور بالبهجة، ومشاعرهم الإنسانية، وخوفهم من العالم الذى يقع خارج «حدودهم» الضيقة.

كما قدم هذا العالم فى قرية نائية بالواحات فى فيلم «عرق البلح» حيث عبر عن مأساة أهلها الذين يرحل معظم رجالهم بحثا عن عمل، ويعود بعضهم مكسورين، فينتقمون من الفتى الوحيد الذى كان يطلع النخل ليأتى بالبلح، وكأنهم يعاقبون أنفسهم بعد أن بلغ العقاب الجماعى الذى يتعرض له من جراء التهميش ذروته.

لقد ظل رضوان الكاشف وفيا لمبادئه الإنسانية، التى ناضل من أجلها منذ أن كان طالباً فى جامعة القاهرة فى مرحلة تألق الحركة الطلابية فى السبعينيات. وحملها إلى السينما بأكثر مما فعل زملاؤه الذين صاروا مبدعين فى مجالات مختلفة، سواء من اتجهوا إلى الإخراج السينمائى أيضا، أو من امتهنوا أعمالاً أخري.

ولذلك، ولغيره، نفتقد إبداعه فى مرحلة يزداد فيها التهميش الاجتماعي، ويقل الاهتمام به وبأخطاره على مستقبل المجتمع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم نفتقد إبداعك كم نفتقد إبداعك



GMT 07:52 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إلغاء منح الجنسية

GMT 04:13 2018 السبت ,21 تموز / يوليو

مراهنات قاتلة

GMT 03:38 2018 الجمعة ,20 تموز / يوليو

الظاهرة الكرواتية

GMT 04:05 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

ماكرون و"ديوك" فرنسا

GMT 03:31 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

حذاء ذهبى.. مبكر

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia