مشروع استقلال منسي 12

مشروع استقلال منسي (1-2)

مشروع استقلال منسي (1-2)

 تونس اليوم -

مشروع استقلال منسي 12

عمار علي حسن

حكى لى أبى، وأنا صغير أدبُّ على الأرض فى فرح طفولى زاخر، قصة شيخ العرب همام. تفاصيل لم يبق منها الآن فى ذهنى شىء، لكننى أتذكر جيداً أن عينيه كانتا تلمعان ووجهه يتشامخ فى وجه الريح وهو يسرد جانباً وقر فى ذهنه، ونُقل إليه بالتواتر من سيرة هذا البطل الصعيدى الذى مرّ فى أيامنا كحلم عابر.

كان يرفع يده ويقول: جدك عرّفنى أن زمام التزامه كان يمتد من أسوان إلى المنيا، كانت مملكته تمر هنا تحت أقدامنا. وأهمل المؤرخون، المشغولون بتسجيل أيام السلاطين والملوك، سيرة هذا البطل الكبير، ولم يفرد له الجبرتى فى كتابه «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» سوى صفحة واحدة تقريباً، لكنها مكتنزة وثرية إلى درجة أنها ترسم ملامح شخصية الرجل ودخيلته ورجولته، وتبين أن أبى كان ينسج أسطورة صنعها خيال شعبى توّاق إلى البطولة والفروسية، لكن أحياناً تكون حقائق التاريخ أغرب من الخيال، وهذا ما لم يُعنَ به كاتب المسلسل الأستاذ عبدالرحيم كمال، فهو على براعته فى بناء الحوار وقدرته على صناعة حبكة درامية تحمل فى طياتها عملاً جذاباً مشوقاً، قد حرّف الوقائع وحاد عن الخط الذى رسمته الأحداث الحقيقية، ولم يستفد كثيراً من التجارب التى أبدعتها أقلام من كتبوا «الرواية التاريخية».

ولنعد إلى الجبرتى لنعرف ما جرى فى الواقع وليس فى المسلسل. يقول مؤرخنا الكبير عن همام: «الجناب الأجلّ والكهف الأظلّ الجليل المعظم والملاذ المفخم الأصيل الملكى ملجأ الفقراء والأمراء ومحط رحال الفضلاء والكبراء شيخ العرب الأمير شرف الدولة همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام بن صبيه بن سيبيه الهوارى عظيم بلاد الصعيد، ومن كان خيره وبرُّه يعم القريب والبعيد، وقد جُمع فيه من الكمال ما ليس فيه لغيره مثال، تنزل بحرم سعادته قوافل الأسفار، وتلقى عنده عصى التسيار، وأخباره غنية عن البيان، مسطرة فى صحف الإمكان، منها أنه إذا نزل بساحته الوفود والضيفان تلقاهم الخدم وأنزلوهم فـى أماكن معدة لأمثالهـم وأحضروا لهم الاحتياجات واللوازم من السكر وشمع العسل والأوانى وغير ذلك ثـم مرتب الأطعمة فى الغداء والعشاء والفطور فـى الصباح والمربيات والحلوى مدى إقامتهم لمن يعرف ومن لا يعرف‏. فإن أقاموا على ذلك شهوراً لا يختل نظامهم ولا ينقص راتبهم وإلا قضوا أشغالهم على أتم مرادهم وزادهم إكراماً وانصرفوا شاكرين، وإن كان الوافد ممن يرتجى البر والإحسان أكرمه وأعطاه وبلّغه أضعاف ما يترجّاه‏.‏ ومن الناس من كان يذهب إليه فى كل سنة ويرجع بكفاية عامه، وهذا شأنه فى كل من كان من الناس‏.‏ وأما إذا كان الوافد عليه من أهل الفضائل أو ذوى البيوت قابله بمزيد الاحترام وحيّاه بجزيل الإنعام وكان ينعم بالجوارى والعبيد والسكر والغلال والثمر والسمن والعسل، وإذا ورد عليـه إنسان ورآه مرة وغاب عنـه سنين ثم نظره وخاطبه عرفه وتذكّره ولا ينساه‏.‏ وحاله فيما ذكر مع الضيفان والوافدين والمسترفدين أمر مستمر على الدوام لا ينقطع أبداً‏».

ونكمل غداً إن شاء الله تعالى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع استقلال منسي 12 مشروع استقلال منسي 12



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 17:44 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أُنس جابر تنهي موسمها من أجل التعافي من الإصابة

GMT 20:35 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

"قُبلة" في الطريق تُكلِف فتاة تونسية شهرين خلف القضبان

GMT 05:54 2015 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

"الأهلي" يكسب مباراته الودية أمام "دبي" الإماراتي

GMT 00:43 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"آدم" سيارة شبابية جديدة من "أوبل"

GMT 18:25 2019 الخميس ,07 آذار/ مارس

ليلة مسرحية في اتحاد كتاب الإمارات

GMT 18:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia