قناة «الجوبلزيرة»

قناة «الجوبلزيرة»

قناة «الجوبلزيرة»

 تونس اليوم -

قناة «الجوبلزيرة»

عمار علي حسن

«اكذب اكذب حتى يصدقك الناس».. إنها العبارة الشهيرة التى رسم بها جوزيف جوبلز (1897-1945)، وزير إعلام هتلر، نمطاً جديداً من الدعاية السياسية السوداء، مات هو منتحراً مع زوجته وأطفاله الستة قبل أن يقع فى أيدى الروس ويذلوه بعد انتصارهم على النازية، وترك ميراثه يتمدد على صفحات الجرائد الصفراء، والإذاعات المشبوهة، والشاشات الزرقاء المسمومة، لا يترك مكاناً على سطح الأرض إلا وصل إليه، بطرق متعددة، حتى حط فى مياه الخليج العربى فى عام 1996، من دون أن يتطهر بالملح الأجاج، ليخرج فى شكل أفعوانى يرمز لقناة فضائية تحمل اسم «الجزيرة». ما تفعله «الجزيرة»، التى بدأت المخيلة الشعبية للمصريين تطلق عليها اسم «الخنزيرة»، ليس إعلاماً أبداً، احترافياً أو موضوعياً أو منحازاً بشكل تام، إنما هو نمط من الدعاية السوداء التى لم تعد تجدى كثيراً فى زمن السماوات المفتوحة وثورة الاتصالات الرهيبة التى جعلت من العالم «حجرة صغيرة» وخلقت ظاهرة «المواطن الصحفى» ومكنت الملايين من القدرة على الرد والتفنيد والمقارعة، علاوة على التحقق من المعلومات ميدانياً، لتبين الحق من الباطل. أحد هؤلاء هو المواطن المصرى الذى يقطن فى بناية تطل على ميدان «سفنكس» بحى المهندسين بالقاهرة الذى لا يمكن أن ننساه، وهو يقدم لنا دليلاً دامغاً على كذب الجزيرة وافتراءاتها بلا ورع ولا خجل ولا روية ولا حتى احتراف ومهنية، وقت أن كانت تبث ما تزعم أنه صورة حية من الميدان تبين أنه مكتظ عن آخره بمتظاهرى الإخوان وهم يرفعون شعار «رابعة» بينما الميدان خاو على عروشه تماماً. فى سرعة خاطفة وضع هذا الرجل النابه شاشة تلفازه فى شرفة شقته بمحاذاة الميدان الفارغ، وسجل مقطع فيديو يُظهر تناقض الجزيرة وخطلها وزيفها.

أمثال هذا الرجل جلسوا على مواقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك، تويتر، يوتيوب) يقاومون الجزيرة وكتائب الإخوان الإلكترونية التى تنقل عنها وتمدها فى الوقت نفسه بالصور الكاذبة والفيديوهات المختلقة فى الغالب الأعم، ولأن المقاومين فى مصر بالملايين، لم تفلح خطة الدعاية السوداء التى أعدها محترفو تدمير المجتمعات وتفكيك الدول فى أن تُلحق مصر بسوريا أو ليبيا، لا سيما أن هاتين الدولتين لم تكن لديهما قنوات إخبارية وعامة قادرة على جذب انتباه المشاهدين والاستحواذ على الأوقات التى يخصصونها لمتابعة التلفاز، بينما قطعت الفضائيات الخاصة فى مصر شوطاً بالغاً فى منع الجزيرة من الاستحواذ على عقل المشاهد المصرى، بغض النظر عن مستوى الرسالة الإعلامية التى تقدمها، والمليئة، حتى الآن، بالعيوب والثقوب.

وعلى التوازى انبرى كتّاب ومفكرون وباحثون وإعلاميون وفنانون، غنية مصر بهم، فى تفنيد حجج «الجزيرة» وفضح مآربها، ورفض التعاون معها لمنحها مصداقية افتقدتها ومساعدتها على استعادة ثقة خسرتها، رغم الإغراءات المادية التى قدمتها القناة للنخبة السياسية والفكرية المصرية بعد ثورة 30 يونيو، بينما امتدت عقول وألسنة لترد على كل ما تبثه هذه القناة المغرضة، بالتفصيل، ما جعلها عاجزة عن تحريك الشارع المصرى والتحكم فيه مثلما جرى فى بعض اللحظات السابقة وقت أن كانت جماهير عريضة مخدوعة أن «الجزيرة» قناة تناصر التغيير فى العالم العربى، وتنتصر للثوار، وتقاوم الاستبداد، وتروم الحقيقة، وساعدها على كسب هذه الصورة غير الحقيقية كراهية الشعوب لحكام مستبدين فاسدين.

فى ظنى أن «الجزيرة» لم تعد كما كانت فى الماضى، يتملكها زهو جارف بأنها قادرة على أن تفعل ما تريد فى أى زمان وأى مكان، فقد أرادت مصر وقصدتها بسوء، فلم تذهب سليمة أبداً، بل طالتها «لعنة الفراعنة»، فها هى تتسول جمهوراً فى العالم العربى كله كى يجلس أمامها منتبهاً كما كان فى الماضى، فالكل اكتشف أنها «الجوبلزيرة»، والكل يشير إليها بالخنصر أو السبابة ويقول لها: اذهبى إلى الجحيم، وكما انتحر جوبلز وهو فى الثامنة والأربعين من عمره ها هى الجزيرة تنتحر فى الثامنة عشرة من عمرها بعد أن انكشف أمرها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قناة «الجوبلزيرة» قناة «الجوبلزيرة»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia